التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار مع البروفيسور حسين قادري حول واقع البحث العلمي في الجامعات الجزائرية

أ. د حسين قادري
تحدث في هذا الحوار البروفيسور والخبير السياسي حسين قادري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة باتنة ومدير مخبر الأمن الإنساني، حول موضوع النشاط العلمي الذي قام به مؤخرا من خلال المخبر الذي يترأسه، بالإضافة إلى واقع البحث العلمي في الجزائر، وتأخر الجامعة الجزائرية في هذا المجال والذي يكشف عنه التصنيف الأخير للجامعات على المستوى العالمي، كما تحدث البروفيسور أيضا عن العلاقة بين إحدى أهم المؤسسات في المجتمع وهما الإعلام والجامعة.

أجرى الحوار: الأستاذ باديس لونيس

أصداء الجامعة: لقد نظم مختبركم في الآونة الأخيرة عدة تظاهرات علمية كانت وراء إنعاش حركية البحث العلمي على مستوى الكلية، هل يمكن أن تقدم لنا بطاقة فنية موجزة عنها؟

البروفيسور حسين قادري: نظم مخبر الأمن الإنساني وفي إطار البرنامج العلمي المسطر، ندوتين بما توفر من إمكانيات.
*الأولى كانت بعنوان: التدخل الدولي في دولة مالي، وتزامنت مع الاهتمام الإقليمي والدولي بالتطورات التي حصلت في مالي خلال سنة 2012.
تمت تغطية الندوة، بمداخلتين كانت أولاهما للأستاذ الدكتور حسين قادري بعنوان: القراءة السياسية للتدخل الدولي في دولة مالي. وكانت ثانيهما للدكتورة شمامة خير الدين تحت عنوان: القراءة القانونية للتدخل الدولي في دولة مالي.
*أما الندوة الثانية فحملت عنوان: جريمة اختطاف الأطفال، إذ رافقت وتزامنت مع استفحال هذه الجريمة في بلادنا، حيث تم الاعتداء على براءة الأطفال، مما أثار الرأي العام أكثر من أي وقت مضى.
وتمت تغطية هذه الندوة بمجموعة محاضرات، من قبل الأستاذة الدكتورة: رقية عواشرية، والأستاذة ليلى سوياد، والدكتورة بركو مزوز، والأستاذ: احمد بوراوي والاستاذة سامية شرفة، تمحورت حول الجوانب القانونية والنفسية لجريمة اختطاف الأطفال، وخرجت الندوة بمجموعة من التوصيات أهمها:
1. اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، وإشراك كل الفاعلين في المجتمع بالتوعية من خطورة هذه الجريمة، وكيفية التصدي لها.
2. توعية الطفل بالأخطار التي يمكن أن تهدده.
3. استحداث قانون خاص بحماية الطفل، والتكفل به قبل وبعد الجريمة، ورفع العقوبات لتكون ردعية وتمنع المساس بالطفل مستقبلا.
4. تفعيل الإجراءات الأمنية، حيث يتواجد الأطفال في محيط المدرسة والأماكن العمومية.

أصداء الجامعة: هل يمكن أن تحدثنا عن الأهداف التي تأسس المخبر من اجل تحقيقها؟

البروفيسور حسين قادري: الأهداف التي سطرها المخبر عند إنشائه، هي خدمة الأمن الإنساني من مختلف الجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية والبيئية، بحيث يتوفر الأمن للإنسان حيثما وُجد، وهو الإطار اللازم لكل إبداع.
من العادة الاهتمام بالجوانب المادية في حياة الأمة، ولكن المخبر باختياره لهذا الموضوع إنما أراد أن يهتم بالإنسان الصانع للمادة وليس العكس .
من ناحية أخرى يهتم المخبر بمواضيع الساعة بحيث يساهم من موقعه في عملية التنمية الشاملة، وبالسياسات العامة داخليا وإقليميا ودوليا.
إن الالتحام  الكبير بين السياسة الداخلية والخارجية، يجعلنا نهتم بالتأثير والتأثر، فعلى سبيل المثال وجدنا أن أزمة مالي ليست خاصة بهذا البلد لوحده، وإنما لها انعكاسات حاسمة على أمن الجزائر، بل وفي الساحل كله. كما أنها تؤثر في التوازنات الإقليمية والدولية، إذ يستحيل اليوم فصل امن دولة عن الأمن العالمي، والعكس صحيح.

أصداء الجامعة: كشف التصنيف الأخير لعام 2013 للجامعات على المستوى العالمي تأخرا واضحا للجامعات الجزائرية، حيث جاء ترتيب أولى الجامعات الجزائرية (جامعة قسنطينة) في المرتبة(2168)، ما هي أسباب هذا التأخر في رأيكم؟

 البروفيسور حسين قادري:  تصنيف عام 2013 كشف من تأخر الجامعات الجزائرية، والأسباب تعود إلى جملة من العوامل، أولا مازلنا في الجزائر نعطي الأهمية للعدد بمعنى الكم على حساب النوعية لاستيعاب الأعداد الغفيرة من الطلبة سنويا، وهذا لضعف مكان آخر لاستيعابهم مثل الدول المتقدمة(حيث لديها إمكانيات تكوينية وإنتاجية،الناجح في الباكالوريا ليس بالضرورة أن يلتحق بالجامعة).
 بالنظر إلى المكونين، فالجامعة الجزائرية مازالت بعيدة عن التصنيف  الدولي، بل لسنا حتى مثل البلدان العربية المجاورة، فعدد الأساتذة من مصاف الأستاذية في نمو ضعيف، وهو ما اثر على الإنتاج العلمي، لان التصنيف الدولي للجامعات يأخذ في الأساس الإنتاج العلمي.
إلى الآن الباحث في الجزائر بتخبط بين واجباته البيداغوجية والأعباء الاجتماعية من ناحية، وضرورة البحث والإنتاج العلمي من ناحية أخرى، وكل ماتم استحداثه كإطار للبحث والهياكل لم يعط النتائج المرجوة منه، لأننا لم نشجع الباحث ولم نخلق له محفزات البحث الحقيقية.
فمازال أغلب الباحثين ينتجون مقالات إما لمناقشة الدكتوراه أو لدعم ملف الترقية.

أصداء الجامعة: انطلاقا مما قلت، ما هي الآليات التي يجب أن تتخذ في رأيكم للنهوض بالبحث العلمي في جامعاتنا؟

البروفيسور حسين قادري: النهوض بالبحث العلمي يتطلب إطارا قانونيا، واعتقد انه موجود ولكن بيروقراطي إلى ابعد الحدود، لابد من تحرير المنظومة القانونية هذه من العراقيل الإدارية والفصل بين الباحث والإجراءات تلك.
فاليوم الباحث مطالب أن يكون باحثا ومحاسبا في المالية ومختصا في شراء العتاد ومتابعة الصفقات، ومصلحا بين الأعضاء المتخاصمين....الخ، وهذا كله لا ينتج بحثا بل معرقلا ومنفرا.
بعد الإطار القانوني والعقلاني، هناك ساحة البحث المناسبة والحوافز العلمية وليس النظرية الموجودة على الورق، فإذا كان من السهل أن تنتج كتابا، فانه من المستحيل طبعه، لعدم مرونة الإجراءات.

أصداء الجامعة: ننتقل إلى موضوع آخر وهو العلاقة بين الجامعات الجزائرية والإعلام، كيف تنظر إلى هذه العلاقة؟

البروفيسور حسين قادري: واقع العلاقة بين الجامعة والإعلام، هو واقع العلاقة بين كل الميادين، وهو واقع المناسبات والمهرجانات، ثم إنها علاقة أشخاص وليس مؤسسات.
وجب اليوم الرفع من هذه العلاقة، بحيث تصبح مكملة، تنخرط ايجابيا في عملية التنمية الشاملة، الإعلام ينقل واقع الجامعة ينتقد طلبا للإصلاح، ويثني للتشجيع ودعم ما تحقق من ايجابيات، وليس تصفية حسابات أو ممارسة ضغوطات. والمطلوب من الجامعة هو الانفتاح على الإعلام البناء والايجابي، عليها أن تتقبل النقد البناء.

أصداء الجامعة: "أصداء الجامعة" ملحق جديد يهدف إلى ردم الهوة بين الجامعة الجزائرية والإعلام، ومحاولة العمل في إطار الإعلام المتخصص الهادف، ما هي الكلمة التي تريد توجيهها بهذا الصدد؟

البروفيسور حسين قادري: أصداء الجامعة كمولود جديد، له هدف نبيل لابد من دعمه وتشجيعه، وهو يضاف إلى ما هو موجود من وسائل في جامعتنا، تشكل في مجملها منبرا للتعريف بالجامعة وتعزيز الحوار وترسيخ مبدأ حق الجامعي في المعلومة الصحيحة والمفيدة.
نتمنى لها كل النجاح.

· نُشر الحوار بجريدة "أصداء الشرق"، يوم الخميس 18 افريل 2013، ع 186.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).