التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حول حوار الدكتور علي قسايسية: حدود تلقي عبد الرحمن عزي ونظريته



الدكتور السعيد بومعيزة

لقي الحوار الذي أجريته مع الدكتور علي قسايسية متابعة قياسية بالنسبة لمدونة عن كثب، وكانت ردود الفعل الأولية مشجعة جدا لفتح نقاش علمي جاد وموسع، وهنا ننشر ما علق به الدكتور السعيد بومعيزة أحد رواد نظرية الحتمية القيمية ورئيس جامعة البليدة حاليا حيث كتب موجها كلامه للدكتور قسايسية:

الدكتور علي، بإجاباتك على تساؤلات الأستاذ باديس، الذي ننتظر منه الكثير في هذا المجال ، تكون قد أزحت بعض اللبس من أذهان الكثير من الطلبة. وفعلا أرجعتنا إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي عندما كنا نحاول أن نفهم ونترجم ما كان يكتبه الأستاذ عزي، وما زلنا إلى يومنا هذا نفعل ذلك. وأنت تعرف أن الأفكار الجيدة تأخذ وقتا لكي تترسخ في أذهان المشككين أو المترددين أو الرافضين عن غير اطلاع.
أما الأستاذة شهرزاد سوفي فقد كتبت قائلة:
بداية : أُشيرُ فعلاً إلى قمة الرقي العِلمي والأخلاقي في هذا الحوار، الذي يُفيدنا كثيرا فِي إعادة تصحيح زاوية النظر إلى المحيط الأكاديمي السائد في صورته الحالية، والتي في أغلبها سلبية . لقد لفت انتباهي في الحوار رؤية الدكتور قسايسية لمشكلة البحث العلمي في العالم العربي ككل وفي الجزائر خاصة وأضيف على ما قاله أن هذه المشكلة لا تقتصر فقط في غياب الحرية أو التقييد الذي يُحيل إلى تحريف وخدمة النتائج باتجاه القوى المهيمنة في المجتمع فقط، بل تعود أيضا على الباحث في حد ذاته أين يغلب الركود والخمول ومجرّد الاستهلاك بلا وعي، وتطبيع البحث العلمي بمعادلة تغليب كفة الكــم على النـــــــوع، فالغالب هو إعادة الإنتاج والتطبيق للفكرة التي تأتينا من الغرب والانبهار بها واستهلاكها - حتى ولو لم تتلاءم مع الخصوصية المجتمعية - ومحاولة إسقاطها كسرا وجبرا وتليينها وتصديقها بتواؤُمها مع المجتمع والظاهرة المدروسة بمعـــايير الآخر.
ربما هذه النظرة التشاؤمية لا نحتاج أن نبقى بها كثيرا في وجود مبادرات تفاؤلية تُحرّك سير البحث من الركود والخمول إلى الاستفهام والتفاعل كما هو حال الدكتور عزي عبد الرحمن، ولما نقول التفاعل لا يعني أبدا كما هو الحال والظاهر جليا في تعامل أغلب الباحثين مع اجتهاداته بالنقد لمجرد النقد وانتظار السقوط. بل التفاعل بالقراءة الدالة والمتمعنة، الفهم والتمحيص، الحفظ، التعريف والتفسير والتأويل، البحث والتطبيق، عندها يكون النقد البنّاء. وإن تصريح الدكتور قسايسية ''باللاموقف'' من النظرية هو في اعتقادي ''موقف علمي في قمة النضج المعرفي والأخلاقي، فكلاهما يجتهد بما يحرّك جمود البحث العلمي في علوم الإعلام والاتصال، فأن يدعو الدكتور قسايسية إلى العودة لأهمية استخدام المنهج الاثنوغرافي ربما يساعدنا من خلال نظرته إلى الإفلات من عائق -الحتمية- الذي تفرضه ''نظرية الحتمية القيمية في الإعلام'' واعتباره منفذا علميا يمكننا من خلاله أن نفسر الظواهر الاتصالية والإعلامية في علاقتها بالقيم والجمهور المتلقي، وتأويلها في سياقها الحقيقي كونها ممارسة اجتماعية وثقافية تستلزم الغوص في الظاهرة لاستجلاء دلالاتها الحقيقية. فأن أبحث مثلا عن القيم التي تنقلها رسالة إعلامية معينة لجمهور متلقي معين، قد أحتاج فيه أكثر إلى الانغماس في الظاهرة بأدوات أكثر قربا من الجمهور مع مراعاة مدى استجابته لهذه الأدوات بدلا من أن أقدمها - زعماً مِني- أنها تنقل قيم معينة بأرقام معينة، وكأنها حقيقة علمية مُطلقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).