التخطي إلى المحتوى الرئيسي

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو
جامعة قسنطينة3

مقدمة 
من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

وبالطبع تعتبر ثنائية "الكيفي والكمي" وليدة الثنائيات النظرية في مجال العلوم الاجتماعية، وترتبط بواقع اجتماعي معقد تتداخل فيه عادة تقييمات الباحث مع تصورات المبحوث. وهي لا تقتصر على مشاكل القياس، التي يمكن تحليلها أو حلها، بل تتعداها إلى مجالات مختلفة وعديدة تمس الابستمولوجيا، والأنطولوجيا والنظرية. إن الاختلافات التي عادة ما تلاحظ بين مكوني الثنائية تتغير ليس فقط عبر الزمن بل حسب المحلل لها أيضا، وذلك تبعا لمرجعياته المعرفية التي وردت في التراث المتخصص ضمن عدة تصنيفات، معظمها ثنائي أو ثلاثي البنية أو المدخل وبتسميات متقاربة ولكنها في جميع الحالات تُحدد بطرق مختلفة ماهية المعرفة وعملية إنتاجها وكيفية تقدير صدقها وثباتها:
- المدخلان "التقليديان": المادي التاريخي والوضعي، بالإضافة إلى التأويلي "المستحدث".
- المدخلان:المنطقي-الوضعي ( أو الأمبريقي التحليلي) والنقدي/ الجدلي، بالإضافة إلى الرمزي- التأويلي (التفاعلي).
 - المدخلان: الأمبريقي- الاستقرائي والعقلاني- الاستنباطي، بالإضافة إلى الاستبطاني- التعايشي.
 - المدخل الوضعي، والوضعي المحدث، والبنائي- التأويلي، والنقدي- الأيديولوجي 1.
مع ملاحظة أن هناك من يعوض النقدي بالبراغماتي، كما أن هناك من يضيف في محيطنا الحضاري المدخل الإسلامي بمنهجيته التكاملية (الاستقرائية-الاستنباطية) المعتمدة على أعمال الرازي والشاطبي... وخاصة ابن خلدون الذي استقى "منهجيته الجديدة من العلوم الاستقرائية مثل علوم الحديث، ومن العلوم القياسية (الاستنباطية) مثل أصول الفقه. وقد طبق هذه المنهجية التكاملية في ميدان التاريخ"2.
   وفيما يلي جدولان تصنيفيان(عام وخاص) لبعض المداخل الابستمولوجية الموجهة، ولبعض مستلزماتهما المعرفية والتطبيقية البحثية:
تصنيف متعدد الأبعاد للمداخل الإبستمولوجية 3
موضوع الدراسة
اللغة
المنهج التقابلي/بالمقارنة
المنهجالإبداعي
طبيعة المعرفة
المدخل
علاقات سبب- نتيجة تكرار أحداث.
عمليات حسابية
تجريب
استقراء
تمثيل نماذج عن الانتظامأو التكرار. المعرفة عملية إبداعية
إمبريقي-استقرائي
أشكال بنيوية عالمية
 منطقية-رياضية
 تحليل منطقي-شكلي وتجريبي
استنباط
 نمذجة عمليات إبداعية. المعرفة عملية إبداعية
عقلاني-استنباطي
رموز، قيم، معايير، معتقدات، اتجاهات
لفظية أكاديمية
توافق تجريبي
استبطان/تأمل مع معايشة
بناء رمزي ذاتي للعالم الاجتماعي والثقافي. المعرفة تنتج عن عملية الفهم
استبطاني-تعايشي
 ملاحظة: المدخل الثالث أنسب للبحوث الكيفية، بينما يشيع استخدام سابقيه في البحوث الكمية.
المصدر:Maria josé Sosa Solórzano2006
تصنيف موجز لبعض مرجعيات المناهج الكمية والكيفية 4
الابستمولوجيا
الأنطولوجيا (ماهية المعرفة)
النظرية
وضعية
موضوعية
استنباطية
كمية
تأويلية
بنائية
استقرائية
كيفية
المصدرAtkinson،M.:2012, 165
ملاحظة: قد تكون بعض مرجعيات المناهج الكمية استقرائية أيضا وبعض مرجعيات الكيفية استبطانية تأملية أساسا، كما يتضح من الجدول السابق لـــــ (Solórzano).
ومما سبق يمكن استنتاج أن البحث الكمي ينبع من الفلسفة الأمبريقية الوضعية، وتعدّ الواقع قابلا للتشيّئ والملاحظة والقياس، وأن البحث الكيفي انطلق من الفلسفة الاستبطانية التأملية أو الباراديغم الرمزي التأويلي، وانتشر بداية في مجالي الانثروبولوجيا والتاريخ فبقية العلوم الاجتماعية، ناظرا إلى الواقع ككل متعدد غير قابل للتجزئة بل للفهم والبناء الديناميكي والتفاعلي 5.
وفي هذا السياق يعدّ "كابلان" (Kaplan6بأن هناك ثلاثة مظاهر أساس للتفرقة بين المنظورين الكمي والكيفي: 1-"التفسير/ الفهم"، 2-"الخصائص/ الذوات"، 3-التجريد مقابل التحديد ( المجرد /المحسوس ).  
كما يمكن، عادة، تقديرهذه التفرقة بمعرفة مدى قربنا أو بعدنا من الباراديغم الوضعي، ومن استخدام لغة الحساب والرياضيات. وهناك بعض الأسئلة جديرة بالطرح، منها: هل الظاهرة المراد دراستها قابلة للقياس الكمي، ومن خلال مؤشرات إجرائية؟ وهل المعلومات التي نحصل عليها بهذه الطريقة دقيقة وصادقة وثابتة؟ ... فإذا كان من الممكن الإجابة على هذينالسؤالين إيجابيا، فمن المرجح أننا سنكون بصدد بحث كمي. ولذلك، يمكن القول أن معايير الصدقأو الصلاحية(Validity/ Validité) والثبات (Reliability/ Fiabilité) هي في الأصل خاصة بالبحوث الكمية، لكن هذا لا يعني أن البحوث الكيفية مجردة تماما من أدنى درجات الموثوقية والقوة العلمية، بل هي كذلكتتوخاهما في حدود طبيعتها الكيفية. فافتراضاتها الفلسفية والنظرية تستلزم معايير مختلفة لتقييم نوعيتها وصدقيتها، كما أن مدى صرامتها يعتمد على الانسجام بين الأهداف البحثية ومنطلقاتها الباراديغمية (التأويلية، والتفاعلية الرمزية...) وذلك بالتركيز، في آن واحد، على مكونيْ موضوع البحث ( الباحث والمبحوث/ الفاعل الاجتماعي ) وبالبناء التعاوني للمعرفة.
وفيما يلي تفصيل ذلك:       
  1- معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية
  بداية، يمكن القول أن الصدق يشير إلى درجة استقلالية الإجابات عن الظروف العَرَضية للبحث، ومن ثمة إلى مدى صلاحية أداة جمع البيانات لقياس ما وضعت لقياسه، لأن الصدق يرتبط أساسا بقابلية تكرار التجارب والاكتشافات العلمية، ولن يتأتى إلا بمعاينةٍ وأدواتِ جمعِ بياناتٍ ومعالجةٍ إحصائيةٍ مناسبة؛ أما الثبات فيشير إلى الانتظام أو إلى الحد الذي يتم فيه فهم نتائج المقياس فهما صحيحا، أي بمدى دقة النتائج وعلوّ درجة التوافق في حالة تكرارها، في وقت آخر من طرف باحث آخر، ومن ثم قابلية تعميمها.
وترتبط معايير الصدق والثبات ارتباطا وثيقا (نظريا وإجرائيا) بالبحوث الكمية نتيجة حاجتها الماسة لها، لذلك فهي ملازمة لها دائما وتستجيب عادة لمبادئ المدرسة الوضعية (Positivism) في العلوم الاجتماعية، ومنها: القابلية للتحكم، والتكرار، والتنبؤ، والملاحظة، والتجزئة، والعزل عن السياق وعن الذات الباحثة...
ويمكن تشخيص الفكرة الأساس لهذه المدرسة كالآتي: إذا قمنا باختبار فرضية من خلال معطيات ميدانية تمت بلورتها بفضل عمليات حسابية وتحاليل إحصائية (مثل التحليل العاملي، ومعاملات الارتباط...)، وإذا كانت النتائج "الرقمية" لهذه العمليات تؤكد أو تنفي الفرضية الأصلية، حينها يحق لنا أن نقول إننا قمنا بعمل علمي (صادق وثابت). وذلك بخلاف ما يجري عادة في بحوث التخرج بجامعاتنا، حيث لا تطبق عادة لا معايير الصدق ولا معايير الثبات، سواء تعلق الأمر بصدق تمثيل العينة أم بصدق وثبات أدوات جمع البيانات ونتائجها، مع العلم أن أغلبية هذه البحوث ذات طابع كمي انطلاقا.
ومن أهم معايير الصدق والثبات الكمية وأكثرها استعمالا ما يلي:
- بالنسبة للصدق، تذكر الأدبيات المتخصصة العديد من أنواعه: الصدق الداخلي، والصدق الخارجي، وصدق بنية المحتوى أو المفاهيم الأساسية 7:
فالصدق الداخلي يقتضي ضمان استقلالية الإجابات عن الظروف الخارجية (العرضية كما سبق وصفها) بتجنب مثلا، كون فترة البحث غير مناسبة، حدوث تغير في سلوك المبحوثين في فترة الدراسة أو خطأ في اختيارهم، وكون صياغة الأسئلة غير مناسبة... مع الاقتصار في إثبات ذلك على البيانات فقط وبالعد والقياس.ويمكن عكس الاحتمال الأخير الخاص بأداة جمع البيانات بالمثال الآتي: إذا أردنا قياس طول لاعبي كرة السلة باستخدام شريط ذي وحدات قياسية سنتمترية خاطئة فإن بيانات طولهم ستكون خاطئة وكذا متوسط طولهم.
وأما الصدق الخارجي فيشير أساسا إلى درجة تعميم النتائج في ظروف زمكانية مختلفة. ولذلك فهو يتطلب استخدام مجالات دراسية وتقنيات ومناهج ومواقف أكثر تنوعا وانفتاحا، مقابل التركيز في الصدق الداخلي على حسن التحكم في وضعيات محددة وفي معطيات بعينها. مما قد يشير إلى أن مستلزمات الصدق الداخلي تتعارض مع مستلزمات الصدق الخارجي: فالتعدد والاختلاف يجعل التحكم في الوضعيات الدراسية صعبا. ومن ثم وجب إيجاد حل وسط بينهما في حالة عدم اقتضاء أهداف الدراسة غير ذلك (بالتركيز على أحدهما).ويمكن تشخيص خطأ التعميم (الصدق الخارجي) بالاعتماد على المثال السابق معدلا: إذا تحصلنا على متوسط طول لاعبي كرة السلة باستخدام شريط ذي وحدات قياسية سنتمترية صحيحة فإنه لا يمكن تعميم هذا المتوسط على كل الرياضيين، لأنه غير نموذجي.
ولذلك يمكن القول أن الصدق الداخلي يخص عينة الدراسة فقط والصدق الخارجي يتعداها إلى مجتمع الدراسة أو مجتمعات أخرى.
وأما صدق المحتوى أو المفاهيم، فيقصد به أساسا "إجرائيتها" المؤدية إلى حسن قياسها أو قياس مؤشراتها الواقعية. أي أن أداة جمع البيانات تغطي كل المجالات المستهدف تغطيتها. ومن طرق تقييمها: صدق الملاحظات، التمايز -Discrimination- (تأكيد وجود اختلاف بين خاصتين أو أكثر في الظاهرة موضوع الدراسة باستعمال أداوت قياس مختلفة)، التلاقي-Convergence- (تأكيد وجود خاصية ما باستعمال أداتين مختلفتين)، التعسف (الهادف)... والصدق النسقي 8.
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أنه عادة ما كان يلجأ، ولا يزال أحيانا، إلى اختبار صدق أدوات جمع البيانات عموما بالاستعانة بداية وقبل كل شيء، وكـ"أضعف الإيمان"بـ:
- الدراسات الاستطلاعية (كتحكيم ميداني لأدوات جمع البيانات)،
- اعتماد تحكيم الخبراء لأداة جمع البيانات (الاستمارة، مثلا)، مع حساب التناسق بين آرائهم في مكوناتها، أو على الأقل الاكتفاء بتقدير ذاتي لمدى حصافة ملاحظاتهم بالاعتماد على المنطق الشخصي للباحث والمشرف على البحث.
- بالنسبةللثبات:تذكر الأدبيات المتخصصة عدة أنواع لقياس ثبات أدوات جمع البيانات خاصة: الثبات الكلي (إعادة الاختبار)، الاتساق الداخلي (لمفردات الأدوات)، ثبات المحكِّمين (تقاطع ملاحظاتهم)، الخطأ المعياري (كمؤشر نسبي: فكلما انخفضت درجته كلما كان الثبات أعلى)...
وسنعرض فيما يأتي المعاملات والمعادلات الإحصائية للنوعين الأولين:
*الاختبار- إعادة الاختبار(Test-retest):

 يستعمل أساسا لقياس الثبات الكلي، ويتمثل في تكرار الاختبار في فترتين زمنيتين مختلفتين وتحت الظروف نفسها قدر الإمكان. وتكون الفترة المقترحة بين التطبيقين من أسبوعين إلى أربعة أسابيع في الغالب، وكلما زادت الفترة الزمنية بين الاختبار وإعادة الاختبار (بفرض تساوي العوامل الأخرى) كلما انخفض معدل الثبات. ويتحقق الثبات إذا ارتفع معامل الارتباط (لـ"بيرسون" مثلا) بين قيمتي الاختبارين، والذي تعبر عنه المعادلتان الآتيتان:

- قيمة الاختبار على قيمة إعادة الاختبار تساوي واحد،
- قيمة الاختبار ناقص قيمة إعادة الاختبار تساوي صفر.
ونظرا لكون الاختلاف الزمني حساسا وترتبط به عدة مشاكل، يُقترح لتجاوزها الاستخدام المتوازي لأداتي قياس متشابهتين في المحتوى (مع تغيير ترتيب الأسئلة وصياغة بعض كلماتها في الاستمارة مثلا) وفي فترتين مختلفتين أيضا.
وهذا الأمر قد يساعد أيضا في تجاوز المشكلة التي طرحها "جوب" (Joppe)9والمتمثلة فيإمكانية أن يتحسس المبحوث من موضوع الدراسة المعاد طرحه، مما قد يؤثر على استجاباته. فلا يمكننا أن نكون على يقين من أنه لا يوجد أي تغيير في التأثيرات الخارجية مثل التغيير في بعض المواقف، مما قد يؤدي إلى الاختلاف في الردود المقدمة مرتين.
* قياس الثبات أو التناسق الداخلي (InternalReliability/Consistency)(*)وتستخدم لقياسه عدة اختبارات، أشهرها معامل "كرونباخ" (Cronbach) لاختبار قياس التناسق بين إجابات المبحوث، و"كرونباخ ألفا" (قيمته بين صفر وواحد ومتوسطه 0.6) ...ومعامل الارتباط بين نصفي المقياس (Split-Half reliability) أو بين إجابات عينتين جزئيتين، تحليل الارتباط (لاختبار الصلاحيات المتزامنة، والتنبؤية، والتمييزية...) والتحليل العاملي (متعدد المتغيرات) ومصفوفة الارتباط متعدد الخصائص ومتعدد الطرق...
أما في بحوث تحليل المحتوى فمن معاملات الثبات المستعلمة بكثرة معادلة "هولستي" (Holsti)للاتفاق بين محلليْن (عدد الفئات التي اتفق عليها المحللان على مجموع الفئات التي توصلا إليها) ليكون الحكم على ارتفاع ثبات تحليل المحتوى إذا كان المعامل مساويا أو يفوق 0.85.  وهناك تصنيفات أخرى لثبات التحليل (بما في ذلك تطويرات حديثة لمعادلة "هولستي") لا مجال لذكرها هنا10.
ويجدر، في الأخير، بيان العلاقة بين الصدق والثبات في البحوث الكمية، وذلك بالإشارة إلى أن توافر الصدق قد يكون كافيا لتوافر الثباتلكنه بالطبع ليس ضروريا له، أما الثبات فهو شرط مسبق ضروري ولكنه غير كافٍ لصدق أدوات البحث11. فمثلا يعدّ ثبات استمارة تحليل المحتوى (باتفاق المحللين على فئاتها) شرطا ضروريا لصدق هذه الاستمارة لكنه يعدّ غير كاف لأنه قد لا يضمن مثلا كون الفئات المتفق عليها تغطي كل المجالات المستهدف تغطيتها في البحث... وفي هذا السياق،هناك ما يسمى بـ"الصدق الذاتي" لقياس العلاقة بين الصدق والثبات من خلال حساب "الجذر التربيعي لمعامل الثبات" سواء تعلق الأمر بـ: إعادة تطبيق الاختبار (معامل ارتباط بيرسون مثلا)، التجزئة النصفية (معامل سبيرمان مثلا) أو التباين (معادلة ألفا كرونباخ مثلا)، أي أنه يساوي الجذر التربيعي لإحدى هذه المعاملات (معامل الثبات)½. وبالطبع كلما انخفضت قيمة معامل الثبات انخفضت قيمة الصدق الذاتي لكونها نتاج جذره التربيعي.
وإذا كانت هذه المعايير التحكيمية والإحصائية شائعة في البحوث الكمية ومتوافرة في معظم كتب الإحصاء الاجتماعي(**)، فإنه من النادر الكلام عما يقابلها في البحوث الكيفية، ولذلك فصلنا الكلام عن هذه الأخيرة في الفقرات الموالية:
  2- معايير الصدق والثبات في البحوث الكيفية
تسمح الطبيعة الكيفية للبحث بمقاربةِ فهمٍ شاملة لموضوع الدراسة. لأن البحث الكيفي تأويلي، وتفسيري، واستقرائي، ومتعدد المناهج، ومعمق، كما أنه مرن وحساس لخصوصيات المبحوثين وسياقهم الاجتماعي12. ومنه، فالمرونة في البحوث الكيفية تسمح للباحث أن يتكيف ويعدل ويبني منهجيته تدريجيا مع تقدمه في تنفيذ مشروع بحثه. ومع ذلك، فإن هذا النهج المتميز بالشمولية والتعقيد، وبالمرونة في تصميمه، قد يؤدي إلى بحوث ذات مصداقية وموثوقية. والموثوقية تتطلب أن يتم تطبيق القواعد المتعلقة بالصدق والثبات حتى في حالة استخدام تقنيات كيفية، ولكنها تكون ذات طابع خاص، بل وتسمية خاصة أحيانا.
  1.2-الصدق الكيفي
بصفة عامة، يشير الصدق في البحوث الكيفية، على غرار البحوث الكمية إلى درجة استقلالية الإجابات عن الظروف العرَضية للبحث، ولكنه قد يتأتى كذلك من أمانة وعمق وثراء وسعة البيانات وتعددية المصادر؛ أما الثبات فيشير إلى الحد الذي يتم فيه فهمها فهما صحيحا.
ويعتمد صدق البحوث الكيفية، عموما، على حل مشاكلها المتعلقة بالتصميمين الداخلي والخارجي، فالصدق، كما مر معنا، يرتبط أصلا، باحتمال أن يعيد باحثون آخرون بناء استراتيجيات تحليلية أصلية. ومن ثمة، يرتبط الصدق بقابلية تكرار التجارب والاكتشافات العلمية.
   ومع ذلك، فإن استعمال الصدق في التصميمات الكيفية (ومنها الاثنوغرافية) يكون معقدا من حيث مؤشر قابلية التكرار، لأن إجراء الدراسة يكون في بيئة طبيعية فريدة عادة، ولا يمكن إعادة إنتاج بعض الحالات المدروسة نظرا لدينامية (حركية) السلوك البشري. ولذلك، تكون الدراسات الكيفية، على العموم، معرضة بشكل خاص لمشكلة صعوبة، أو استحالة، تكرارها.
   وفي هذا الصدد، يؤكد كل من "غوتز و لوكونت"13عدم إمكانية إعادة بناء ظروف الدراسة في البحوث الاثنوغرافية بالدقة الكافية، بل يدعيان أيضا أن تكرار استعمال المناهج بدقة قد لا يُسْفر هو الآخر عن نتائج مماثلة (درجة الثبات).
   ومع ذلك، يمكن للباحث، وعلى طول عملية بحثه الإجرائية أن يلتزم بتطبيق التوجيهات الرئيسة الآتية في مجال البحوث الكيفية الاثنوغرافية التي اقترحها هذان المؤلفان، بغية زيادة صدق النتائج:
   - موضوعية الدور الذي يؤديه الباحث في مجال البحث.
   - تحديد هادف لمجالات جمع البيانات ووصف وضعية أعوان البحث: وحدهم أو مع الباحث وفي سياق المجموعة.
- عرض شفاف للتعريفات أو لوحدات التحليل المكونة لطبيعة البحث. مع ضرورة أن تكون هذه التعريفات واضحة و"متعدية ذاتيا" (Intersubjective) بما فيه الكفاية لكي تكون مفهومة لدى الغيْر.
- عرض شفاف لأساليب جمع البيانات وتحليلها.
و تقترن شفافية المحتويات والأساليب بصدق النتائج في الاتجاهين: فهي ترفع من موضوعية الباحث وتشجع على مشاركة المبحوث (الفاعل الاجتماعي كما يفضل تسميته في البحوث الكيفية)، فيكون البناء المعرفي التشاركي أكثر صدقية.
وهناك تصنيف شائع آخر عن الصدق في البحوث الكيفية قدمه "ماكسويل"14، اقترح فيه خمسة أنواع من الصدق:
•الصدق الوصفي (Descriptive Validity): أي دقة الوقائع المرصودة كما هي موَثّقة (موصوفة) من قبل الباحث. وقد يكون ذلك من خلال تطبيق إستراتيجية التقاطع الثلاثي أو المتعدد (Triangulation) باستخدام عدة ملاحظين مثلا.
·ك الصدق التأويلي (Interpretative Validity): أي إلى أي مدى يمكن لتأويل ما تمثيل فهم وجهة نظر المجموعة الأساس للمبحوثين والمعاني المرتبطة بكلمات الأعضاء وأفعالهم؟ ويمكن التعبير عنه بدقة في تمثيل تصورات المبحوثين للظاهرة قيد الدراسة، والتي قد تتحقق من خلال رصد ردود الفعل البعدية للمبحوثين (Participants feedback)، للتأكد من مدى تطابقها مع تأويلاتنا لتصوراتهم.
•الصدق النظري (Theoritical Validity): أي إلى أي درجة يمكن أن تكون فيها دلالات البيانات المجمعة متسقة مع التفسير النظري. ويمكن التعبير عن ذلك بالمعقولية النظرية للنتائج، وخاصة إذا تم ذلك من خلال الاحتكام إلى عدة نظريات (Theory triangulation).
•الصدق التقييمي (Evaluative Validity): أي إلى أي مدى يمكن تطبيق إطار تقييمي على مفردات الدراسة؟، وذلك في مقابل أطر وصفية، وتأويلية أو تفسيرية.
•والقابلية للتعميم (Generalizability): أي إلى أي مدى يمكن للباحث تعميم "عرض حال" (وصف) أو سياق معين أو مفردات.وهو ما عبر عنه "لنكلن وقوبا"15بـقابلية التحويل والمقارنة، ولتمييزه أكثر عن التعميم الكمي أشارا إلى أنه ليس من صلاحية الباحث تقديم مقياس للتعميم والتحويل، بل تقديم بيانات غنية بما فيه الكفاية لقارئها أو مستعمليها حتى يحدد هو بنفسه أبعاد التحويل الممكنة. كما رأيا (ص.300) أن هذا يعدّ نوعا من أنواع الصدق الخارجي، وهو يتضمن آثارا مختارة، وسياقية، وتاريخية (ظروف فريدة وغير قابلة للمقارنة) ...
أما "أندرياني وكونشون"16فيريان أن صدقية التحليل الكيفي قد تتم من خلال معالم منهجية، معظمها ذي طابع كيفي ويتقاطع مع روحية المقترحات السابقة:
- الصدق التأويلي (Validité Interprétative): ويتطلب تجنيد الآليات التأويلية الآتية: "التفكير الانعكاسي" (Réflexivité) أو الانطباعات الذاتية، و"التأمل الباطني" (Introspection)، و"التفاعل" (Interaction)، و"التقاطع المتعدد" (Triangulation) مع دراسات مشابهة وباستعمال مناهج ومصادر وتحليلات مختلفة، مما يؤدي إلى "البلورة" (Cristallisation) في شكل تحليلات متشابهة وأخرى مختلفة، وهذه الأخيرة تغني الدراسة بالإسهام في تشخيص أبعاد إضافية للدراسة. وهكذا يمكن القيام بالتنقل ذهابا وإيابا (Va-et-vient) بين المعطيات والتحاليل.
ويمكن إدراج، ضمن الصدق التأويلي "بالتقاطع"، ما اقترحه "بو وفيبر"17من جمع بين أدوات كيفية اثنوغرافية متكاملة مثل الملاحظة والمقابلة المعمقة،وكذا "دوكن وهيغل"18مناستخدام مستويات تحليلية متعددة (فردية/ جماعية، وحالات عادية/ حالات منحرفةتخرج عن شبكة القراءة التحليلية، وأوقات عادية/ أوقات حرجة...). وقد شخصت بعضها عمليا الباحثتان في بحثهما الذي استعملتا فيه أداة المقابلات الجماعية والمعمقة بالتركيز على الحالات المنحرفة، وعلى المقاطع الجزئية من الحوارات التي أجبرتهما على إعادة صياغة وتدقيق افتراضاتهما الأولية وتدعيم شبكة قراءتهما التحليلية بشبكة تكميلية تستكشف الأوقات "الحساسة" وتأخذ بعين الاعتبار بجدية أكبر لغة الجسد، وبعض طرق مخاطبة الآخر، وتجنبه بعض الرموز المستخدمة للتعبير عن عدم الموافقة. مما حسن طبعا من درجة صدق عملهما التأويلي.
- الصدق الاتصالي (Validité communicationnelle): ويتطلب التوافق الكلي أو النسبي بين الرؤى وتحاليل الأطراف المعنية بالدراسة (الباحثين والمشرفين على البحث أو الممولين له) مع قابلية تعميم النتائج (أي الإقرار بأهميتها). وهو يعادل، نوعا ما، صدق تحكيم الخبراء وثبات المحللين في البحوث الكمية سابقة الذكر، مع فارق واضح في الكيفية التي تعتمد على التقدير النسبي وليس على التكميم في هذه الحالة.
- الصدق التأريخي (Validité d’histoire) لتقدير صدق الاستكشافات النوعية في رواية الفاعلين. وذلك من خلال قدرة أداة جمع البيانات على تشخيص التاريخ الحي للباحثين والمبحوثين (فكلاهما يعدّ جزءا من المادة المجمعة). ولهذا الإجراء نقاط مشتركة مع ما يستعمل في المنهج البيوغرافي -سنذكره لاحقا- من السير الذاتية والحياتية ومن إعطاء أبعاد معنوية للملاحظات والأفكار.
ويتحقق صدق رواية المبحوثين من خلال تاريخ تجربتهم وإحساساتهم (الصدق المعيشي/Expérientielle) و"سياقاتها" (الصدق الوصفي لتفاصيل فهم سلوكهم العميق). أما صدق الباحثين فيتحقق من خلال صدق أسلوبهم (استعمال مفاهيم واضحة وعملية في عرض النتائج) وتصوراتهم (عرض النتائج بواقعية، وتركيز، وفاعلية من حيث القابلية للفهم).
2.2- الثبات الكيفي
كما يرتبط الصدق بقابلية تكرار الاكتشافات العلمية، يتعلق الثبات بمدى دقتها. وفي هذا الصدد تعدّ "بيريز سيرانو"19أن تحديد الثبات يتطلب عموما ما يلي: (أ) تقدير مدى تمثيل الاستنتاجات للواقع تمثيلا حقيقيا، و(ب) تقدير ما إذا كانت البُنى المصممة من قبل الباحثين تمثل أو تقيس مقاطع حقيقية من التجربة البشرية.
وفيما يخص هذا النوع من البحوث، تعتمد درجة الثبات الداخلي على تقنيات جمع وتحليل البيانات. وهو ما تؤكده المؤشرات الآتية:
 - التعايش مع الفاعلين الاجتماعيين (المبحوثين) وتمديد عملية جمع البيانات لفترات طويلة لإتاحة الفرصة لإجراء تحليلات ومقارنات مستمرة لهذه البيانات.
- تكييف المقابلات المنجزة، بعدّها واحدة من المصادر الرئيسة للبيانات، مع مختلف فئات الفاعلين الاجتماعيين.
- يجب القيام بالملاحظة بالمشاركة، كمصدر أولي لبيانات الباحث، في البيئات الطبيعية التي تعكس واقع تجارب حياة المشاركين بمزيد من الدقة.
- في جميع مراحل نشاطه، يُخضِع الباحث نفسه للرصد الذاتي (الرقابة الذاتية)، من خلال عمليتي التشكيك وإعادة التقييم المستمرين. وتسمى هذه العملية عند "غوتز ولوكونت" 20"الذاتية المنضبطة". وقد يخفف ذلك من أثر ضعف الرصد الخارجي والضبط الإحصائي (القبلي، الآني والبعدي) المستعمل في البحوث الكمية.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن نحصل على تقديرات الثبات في البحوث الكيفية بواسطة وسائل مختلفة، مثل التقاطع الثلاثي أو المتعدد (Triangulation) والتشبع (Saturation) المعلوماتي وتحكيم باحثين آخرين...
ويعدّ التقاطع المتعدد على وجه الخصوص عملية تجمع بين منهجيات مختلفة في دراسة الظاهرة نفسها. فهي تستهدف زيادة الثبات باستخدامها عمليات مركبة، واستراتيجيات مختلطة وتقاطع معلوماتي من مصادر مختلفة من البيانات: ناس، وأدوات، ووثائق أو مزيج منها كلها.
ولذلك نجد من الشائع استعمال الدراسات الكيفية للمنهج البيوغرافي وتقنية السير الذاتية المتعددةفي شكل استبيان تعتمد فيه، عند اختيار المبحوثين، على مقاييس العينة التمثيلية (باستعمال مثلا نمطية تصنيفية للمبحوثين انطلاقا من متغيرات محددة مسبقا)، أو على تقنية الإشباع من كثرة الحالات المدروسة. ولهذه التقنية استعمالان أساسان هما: السير المتوازية والسير المتقاطعة.
فبخلاف ما يحدث في حالة إنجاز السير الحياتية كحالات وحيدة، فإن تراكم عينة كبيرة من القصص البيوغرافية يسمح بإجراء مقارنات وتصنيفات للمبحوثين؛ أي القيام بتعميمات تخص مجالا معرفيا معينا.
   أما تقنية السير المتقاطعة فتندرج ضمن رغبة تحقيق نظرة كلية ومصداقية علمية أكبر. ويمكن العمل على تحقيق هذين الهدفين عبر عملية استقصائية تأخذ بعين الاعتبار نسبية العروض الشخصية بمقارنة كل واحد منها بعروض أخرى من داخل نفس الوسط الاجتماعي. فلا يُكتفى مثلا، بعرض شخصي مهم حول مسيرة مهنية لعامل ما، بل يقارن عرضه بعروض زوجته وولده الذي قد يكون يمارس المهنة نفسها (هنا متغيري الجنس والجيل وقد يكون غيرهما في حالات أخرى): فالعرض الأول يقدم الهيكل الأصلي بينما يقدم العرضان الآخران الانسجام، والرأي الآخر، والتميز... فيُمَوقعان العرض الأول ويثريانه مبرزين العناصر الواقعية والتصورات الشخصية، لنحصل في الأخير على سيرة ذات مراكز وبؤر متعددة تتميز بعمق أبعد وموضوعية أكبر، وذلك في شكل تركيب بيوغرافي معقد لا يعبر فقط عن شهادة حياتية مهنية بل عن توجه شبه واقعي وعميق لقطاع مهني واجتماعي بكامله.
   إن المنهج البيوغرافي المطبق بهذا المنظور، ذي المراكز المتعددة والمهتمة بموضوع واحد، يمكن تطبيقه كذلك في دراسة أي تشكيلة اجتماعية أخرى ذات أبعاد ديمغرافية محدودة: حي حضري، أو قرية صغيرة، أو جمعية خيرية للمهاجرين، أو تأسيس حزب سياسي ما، أو تجربة ممارسة إعلامية في بلد ما... إن هذا الالتقاء يُحدِث بالضرورة بعض الإشباع، لأنه يسمح لنا بفرز الخصائص الذاتية الملازمة للمبحوثين عن العناصر المشتركة والمهيكلة للظاهرة الاجتماعية 21.
خاتمة
تجدر الإشارة في الأخير إلى أن مسألتي الصدق والثبات (والتعميم والموضوعية...) في بحوث الكيفية تطرح بعض الإشكالات فيما يتعلق بكيفية تقييم نموذج البحث الكيفي.
فمنهم من اقترح تعويض هذه المصطلحات التقييمية بأخرى تتناسب أكثر مع طبيعة البحوث الكيفية، ومنهم من دعا إلى تكييف مضامينها وإثرائها تبعا لطبيعة البحوث (الكمية والكيفية)، على أساس أن لكل نوع من أنواع البحوث شكلا معينا من أشكال التقييم، والصدق والثبات والتعميم...:
وفي إطار التوجه الأول خلص كل من "أونيوغبوزي وكولينس" 22إلى أن جزءًا من الحل يتمثل في إعادة تصور صدق المفاهيم التقليدية عن طريق تسميات جديدة 23.
وعلى سبيل المثال، اقترح "لينكولن وقوبا"23الأنواع البديلة الآتية: المصداقية/ Credibility( بديلا عن المفهوم الكمي للصدق الداخلي/ Internal validity)، والقابلية للتحويل والمقارنة/ Transferability & Comparability(بديلا عن المفهوم الكمي للصدق الخارجي والتعميم/ External validity & Generalizability)، والاعتمادية/ Dependability(بديلا عن المفهوم الكمي للموثوقية أو الثبات/Reliability)، والتأكيدية/ Confirmability(بديلا عن المفهوم الكمي للموضوعية/ Objectivity).
وعلى العموم، ومن حيث مصداقية البيانات الكيفية، يجب أن تكون للبيانات المجمعة علاقة مثالية مع الواقع. ولتلبية هذا المطلب، قد يستخدم التقاطع الثلاثي/المتعدد أو المتنوع/، كما تقترح ذلك معظم المقاربات الكيفية. وبناء عليه، ينصح بالجمع بين العديد من تقنيات جمع البيانات (خرائط المفاهيم، والمقابلات الفردية والجماعية، ودفتر الملاحظات، والاجتماعات غير الرسمية...) للتعويض عن التحيزات الكامنة في كل منها. ولكن يبدو أنه من الصعب تنميط كل إجراءات "الموثوقية"، وأن تعدديتها وتقاطع بعضها (في مقترحات المناهجة الكيفيين) ضرورة كيفية، مع الإشارة إلى أن الخيارات المتخذة بشأنها يجب أن تظل كيفية، أي تتكيف مع سياق كل بحثوكل تخصص.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).