باديس
لونيس
بكل ما
تحمله من أفراح أو أحزان، تمر الأيام وتنقضي الأعوام، ولا تُخلّف وراءها سوى
ذكريات تتشبث للبقاء والعودة في أي شكل من الأشكال لرسم ملامح الآتي،
وها هو
قد انقضى العام 2016 بكل إخفاقاته وأحزانه وربما نجاحاته وأفراحه أيضا ؛ فالتقييم
يختلف من شخص إلى آخر ومن مستوى إلى مستوى آخر.
أما
على المستوى العالمي وفي المجال السياسي (وهو على ما يبدو لا يزال يحكم كل
المجالات الأخرى ويتسيّدها ويوجهها) فلا يختلف عاقلان في أنه كان سيئا للغاية، مخيفا
للغاية ولربما يمكن أن نصفه من منطق "إنساني" بأنه كان مقززا إلى أبعد
الحدود مع رشة من الإحباط ورشة أخرى من التشاؤم والحزن.
لقد
انهزم الإنسان
هذا ما
يمكن أن نضعه كعنوان عريض للمرحلة،
فمع
تأجج الصراعات السياسية التي تدافع على المصالح والمكاسب، ومع نشوب الحروب
والمعارك، ومع تسابق وسائل الإعلام على نقل الحدث أولا بأول، وتزاحم المحللين والمهتمين
والخبراء على الإدلاء بتحليلاتهم وشرح المواقف وتقييم الحالات، ومع انخراط الجميع
في مختلف الفضاءات التقليدية أو الافتراضية، في التعبير عن آرائهم بحرية وأريحية
وربما تشدق، على كل تلك الأحداث المؤلمة،
مع كل
هذا، تنزوي الإنسانية إلى ركن مظلم وبارد، تجلس القرفصاء وتتأمل التطورات
بعينين جاحظتين وملامح صفراء تنعدم فيها
الدماء؛
فالدماء
تسيل في كل مكان، والجثث مرمية على الطرقات وتحت الأنقاض، لتتحول بعد ساعات إلى
أرقام تتلى في عناوين الأخبار والنشرات من طرف حسناء بالغت في تزيّنها وتبرُّجها
حتى تجذب المشاهدين وتريح نظرهم. وكي تفعل ذلك عليها أن تنهي كل خبر حزين بابتسامة
واسعة؛
مشهد
سريالي، تلك الابتسامة التي تشيع الجثث إلى مثواها الأخير؛ أرقام، أرقام، أرقام
مسخ
غريب، ذلك الذي يفرح لانتصار، مع كل هذه الدماء،
تعليقات
إرسال تعليق